التـاريــخ والتــراث.. من مُقَوِّمـات ثقافتنـا الخالـدة

التـاريــخ والتــراث.. من مُقَوِّمـات ثقافتنـا الخالـدة
خاص بمجلة الثقافية   يرى بعض الكُتَّاب أن التاريخ يشتمل على المعلومات التي يُمْكِن معرفتها عن نشأة الكون كله، بما يحويه من أجرامٍ وكواكب، ومن بينها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث على الإنسان، ويَقْصُر أغلب المؤرخين معنى التاريخ على بحث حوادث الماضي واستقصائها؛ أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ بتسجيل أخبار الحوادث التي أَلَمَّت بالشعوب والأفراد، أو وَصَفَهَا. وعندما سارت البشرية قُدُمًا في مضمار الحضارة، أخذ التاريخ يُشَكِّلُ أساسًا جوهريًّا في تسجيل موكب البشرية الحافل بالأحداث، وأصبح التاريخ هو السِّجِل أو الكتاب الذي يقدم لنا ألوانًا من الأحداث، وفنونًا من الأفكار، وصنوفًا من الأعمال و الآثار(1). مَرَّت كلمة التاريخ بتطورات عديدة في ثقافتنا؛ فقد بدأت بمعنى: التقويم والتوقيت في صدر الإسلام، واستُعْمِلَت فترةً بهذا المعنى، ثم صارت بمعنى آخر وهو تسجيل الأحداث على أساس الزمن، وكان الخبر يقوم مقامها في معنى هذه العملية التاريخية، ثم أخذت كلمة التاريخ تَحُلُّ محل الخبر تدريجيًّا، وصارت تُطلَقُ على عملية التدوين التاريخي، وعلى حفظ الأخبار بشكلٍ متسلسل، متصل الزمن والموضوع؛ للدلالة على هذا النوع الجديد من التطور في الخبر والعملية الإخبارية، منذ منتصف القرن الثاني الهجري .. ومنذ ابتداء القرن الثالث الهجري، صارت كلمة التاريخ تُطْلَقُ على العِلْم بأحداث التاريخ وأخباره، وأخبار الرجال، والكتب التي تحوي ذلك، وَحَلَّت كلمة التاريخ محل كلمة الخبر.(2) الثقافة والمعرفة التاريخية: يحفل تاريخ الإنسانية بشتى الصُّوَر، وهو غالٍ وثمين في كل أدواره؛ في القوة والضعف، في الرخاء والشدة، وكل أُمَّةٍ لا تعرف ماضيًا لها أُمَّة ليس معها شيء من التحضر، ولو ادَّعت ذلك، وَفَهْم النفس والحاضر مترتب على فَهْم الماضي ومعرفته، والذي به تُدْرَك الخبرة، ويتحقق بوساطته إدراك مزايا الآخرين، بل إدراك النفس الإنسانية على حقيقتها، والنتيجة التي يُتَحَصَّلُ عليها في النهاية هي الرؤية الواضحة لما سيؤول عليه الحال في المستقبل . إن دراسة ماضي الإنسان يُمَكِّنُه من إدراك هويته وثقافته؛ «ذلك أن التاريخ هو وعاء الفعل الحضاري، وميدان تنزيل القِيَم على الواقع، وذاكرة الأمة ومحل تجربتها وعبرتها، وهو مخزون غني يُوَرِّثه الآباء للأبناء والحفدة، ونهر متدفق يتجه من الماضي، ويمر بالحاضر، ويصب بالمستقبل، لذلك لا غِنى عنه لكل العاملين في مجال الثقافة والتربية والتعليم والإعلام».(3) والمُثَقَّف المسلم ليس إنسانًا معزولًا، ولا يعاني القطيعة والانفصال عن التاريخ، بل هو جزء منه.. وهذا التاريخ، يُشكِّل للمسلم مَنْجمًا للخبرة، وثمرةً لتجارب متعددة، وميدانًا فسيحًا للرؤية والعبرة والهداية والوقاية لحاضره ومستقبله، فالمسلم الحق يقوده إسلامه إلى استيعاب التاريخ البشري، والتعرف إلى وسائل النهوض والسقوط، وإدراك السنن والقوانين الكامنة وراء الفعل التاريخي، ودور الإرادة البشرية في صنع التاريخ، وممارسة عملية التغيير، والاستجابة لأمر الله – سبحانه وتعالى-، الذي ناط عمليات التغيير وصنع التاريخ بإرادة الإنسان وقدرته، فقال – تعالى- : ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد، الآية 11] . فالقرآن هو مصدر المعرفة التاريخية، ومصدر الوعي التاريخي في وقتٍ واحد، خاصةً وأنه طلب التوغل في التاريخ، ودعا إلى السير في الأرض، ووجَّه الأنظار إلى أهمية الاعتبار بأحوال الأمم السابقة، وأتى على نماذج منها، مما دفع الإنسان المسلم للبحث والتنقيب التاريخي، لمعرفة هذه الأحوال، والخروج من عهدة التكليف الشرعي بتحقيق العِظَة والعِبرة والوقاية الحضارية، قال – تعالى – : ﴿قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ﴾[آل عمران، الآية 137]، وقال : ﴿لقد كان في قصصهم عِبرةٌ لأولي الألباب﴾[يوسف ، الآية 111]، وقال : ﴿وَكُـلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَـذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [هود، الآية 120].(4) ولم يقتصر القرآن على ذكر الحدث التاريخي أو القصة التاريخية وتسجيلها كما وردت، وهذا يمثل نصف الطريق في البحث التاريخي، وإنما تجاوزها إلى التقويم والنقد، أو التفسير التاريخي في ضوء السنن الفاعلة في الحياة والقِيَم المعيارية الموحى بها، ليمتلك المسلم الأبجدية المطلوبة لقراءة التاريخ وتفسيره، فلا يَضِلُّ ولا يشقى، فيذهب إلى التاريخ بلا معيار، ويعجز عن العودة للتعامل مع الحاضر.(5) إن الوعي بالتاريخ ليس حفظًا للذاكرة وتسجيلًا للحدث فقط، وإنما يُعَدُّ إعمالًا للتفكير، واستنتاجًا للعِبرة والعِظة، وامتلاك المؤهل لاستيعاب الحاضر وتفسيره، والتنبؤ بتداعياته ومآلاته وعواقبه؛‏ ذلك أن من أبرز ميزات الثقافة التاريخية : أنها توسع اختبار الإنسان وتعمقه، وإن كانت فائدتها ليست عملية مباشرة؛ لأن التاريخ لا يُعيد نفسه من كل وجه.‏ والثقافة التاريخية سبيل لإدراك الذات -أفرادًا وأُمةً وإنسانية-، وهذه الثقافة التي تبعث في النفس اعتزازًا بالأجيال الماضية، من شأنها بناء الفرد والأمة، وتوطيد كيانهما، على أن تكون معرفة الذات المؤدية إلى احترام الذات وتقدير الماضي، هي -أيضًا- نقد للذات وللماضي. إن الثقافة التاريخية تنمِّي الحكمة، التي يولدها عمق الاختبار وسعته، والتي تلح على الإنسان في التساؤل حتى يصل إلى الأعماق والجذور.(6) لقد قدم القرآن الكريم للمسلم خبرات وتجارب وَعِبَر وثقافة تاريخية، في مجالات الحياة جميعها، بالقدر الذي يشكل له زادًا كافيًا، ودليلًا هاديًا، يُمَكِّنه من استيعاب الحاضر ورؤية المستقبل، في المجالات جميعا.‏ ‏فالتاريخ هو ذاكرة الأمة، ومخزون تراثها الثقافي، ومناخ عمليات التفكير وتحديد الوجهة، وحامل قسمات شخصيتها الحضارية، وهو من أهم عوامل الارتكاز الثقافي .. وهو مفتاح لكل نهوض أو إصلاح أو تغيير، في صفحاته تُقرأ الأمم والشعوب، ويُكتشف دليل التعامل معها.. ومن خلال استقرائه تُعرف السنن الفاعلة في الحياة، والقوانين التي تحكم الفعل التاريخي، وتحقق العِبرة التي تختزل لنا التجربة، وتطوي مسافة الزمان والمكان، وتمد أعمارنا إلى الماضي البعيد، وتُوجه أبصارنا إلى أفق المستقبل وعالم الغد المديد، وتمنحنا الحكمة، وتزكي عقولنا، وتنمي معارفنا، وتمنحنا القدرة على الموازنة والمقارنة والفهم والتحليل والتعليل، وتُحَرِّضُنا على التفكير في أسباب السقوط والنهوض، لذلك اعتبر القرآن التاريخ – كما أسلفنا – مصدرًا للمعرفة، ودعا إلى السير في الأرض لاستيعابه، واستنكر الركود وعدم الاكتشاف الحضاري، فقال: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾[الروم، الآية 9].(7)   التراث والتاريخ: أما التراث فهو قريب الصلة بالتاريخ، وملازم له؛ فهو مع التاريخ من مقومات الثقافة وأركانها عند جميع الأمم؛ وحيث إن الأجيال اللاحقة تتربى في مهد الأجيال المنصرمة، فليس عجيبًا أن تأخذ منها العادات والتقاليد، وأنماط العيش المختلفة؛ فالقول والفعل مما يبقى ويثبت، وكذلك الحال بالنسبة للرؤى والتصورات والأفكار؛ وبذلك يتحقق توارث الأجيال، الذي يسطره التاريخ ويحفظه، مع تغيرات عديدة قد تطرأ على التصور والفكر بين جيل وآخر؛ بتعاقب الأمم والشعوب والأزمنة، بل قد يخالف اللاحق السابق تمامًا ، متمردًا على ما جاء به، إلى ما هو خير له؛ وذلك باتباعه لرسالات السماء مثلًا، أو إلى ما يورثه الخَسَار والفشل؛ وذلك بتنكبه سواء الصراط، وحيدته عن دين الله – تعالى -. أما مفهوم التراث: في اللغة العربية فيحتاج منا أن نرجع إلى أقدم النصوص التي حملته؛ وذلك لرسم أبعاده من كل جوانبها، وإعطائه معناه الواضح كما فهمه العرب، إن من أقدم النصوص التي بين أيدينا في هذا الصدد مُعَلَّقة عمرو بن كلثوم التي ورد في بعض أبياتها : وَرِثْنا مجد عَلْقَمةَ بن سيف         أباح لنا حصون المجد دينـــا وَرَثْـــــــــــتُ مهـــــلهلًا والخـــــير مـــنه         زهيرًا، نِعْمَ ذُخر الذاخــــــرينا وَعَــــتَّــــــابًا وكُــــلْثــــــــــــومًا جمــــيـــــــعًا        بــــهم نلـــنــــــــا تـراث الأكــــــــرمينـــــا وَيُفْهَمُ منها أن التراث كل ما وُرِثَ من الآباء من محامد، وعادات، وأعراف، وصفات حميدة، كالشجاعة والقوة والنجدة والحفاظ إلى غير ذلك. وفي القرآن الكريم نجد مشتقات مادة: ( و ر ث) تدل مرةً على انتقال المال والثروة من شخص إلى آخر، كما في قوله – تعالى -: ﴿فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ﴾ [النساء، الآية 11]،   ومرةً تدل على انتقال الموروث الروحي والثقافي، كما في قوله -تعالى-: ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾[فاطر، الآية 32]. وفي الأثر يُطْلَق الإرث على العادات والتقاليد – أيضًا -، كما ورد في الحديث أنه – عليه السلام – قد بعث ابن مربع الأنصاري إلى أهل عرفة ليقول لهم: «اثبتوا على مشاعركم هذه؛ فإنكم على إرثٍ من إرث إبراهيم».(8) والحاصل مما تقدم: صدْقُ كلمة التراث على كل موروث تتناقله الأجيال، فكريًّا كان أو أدبيًّا أو فنيًّا أو ماديًّا . والأمم يختلف بعضها عن بعض في حجم الرصيد الذي تحتفظ به من التراث بِحُكم القوة والضعف والامتداد، إلى جانب العوامل المختلفة التي قد تُسهِم في ثراء ميراث أُمَّة، وضعف ميراث أخرى. ونظرًا لسعة التراث الإسلامي وشموله فقد اهتمت الأمة الإسلامية به أَيَّما اهتمام، ولقد حققت الحضارة الإسلامية بذلك تقدمًا ملحوظًا، وَرُقِيًّا ظاهرًا على مختلف الأصعدة في عهودها المزدهرة؛ وذلك أوجد – بطبيعة الحال – مادةً خصبةً وثروةً كبيرة بقيت، تُذكي العزم ، وتحمل الناس على بذل المزيد؛ وتحفزهم على الانطلاقة التي لا يعوقها إسار ولا انبهار، ولا يُعَطِّلها جمود ولا ركون . توظيف التراث، والرسالة الحضارية: التراث هو عملية تراكم حضاري دائم ومستمر عبر الماضي مرورًا بالحاضر وتجاوزًا للمستقبل، ولا يمكن أن تكون هناك نهاية زمنية تنقطع فيها عملية توارث التراث، فتجربة الإنسان في الماضي تصبح تجربة جديدة له في الحاضر، وتستمر للمستقبل؛ فهو عنصر مهم من عناصر التطور، والإنسان الحاضر مَدِينٌ لأجياله السابقة التي أورثته النماذج الحضارية. وإذا كان للتراث هذه القيمة الحضارية فإنه يجب علينا أن نستفيد من الإرث الحضاري الذي له قيمة نافعة وفائدة مَرْجُوَّة لتطوير الحاضر وتجديده , وصلاحية استمراره للمستقبل، ولا يعني ذلك تقليده ومحاكاته في شكله ونوعه ولونه، ولا أن نعود بحاضرنا ومستقبلنا إلى قوالب الماضي، ولكن الوعي به، وإدراكه إدراكًا صحيحًا يكون زادًا صالحًا لشحن وجدان الأمة بأصالتها ورسوخها وكيانها والماضي العريق، ولتستعين به على رُقِيّها في حاضرها ومستقبلها, وليكون لها الفخر والاعتزاز، والشرف والرفعة والانتماء إلى ذلك الماضي المُشَرِّف والمُشْرِق. وبذلك يصبح التراث طاقةً فاعلة وفعالة ومحركة لنشاط الأفراد، ويصل بالمجتمع إلى :- نهضةٍ علمية يصل غدها المشرق بماضيها المجيد. وعقلانيةٍ معاصرة تكون الامتداد المتطور للعقلانية التي صنعها أسلافنا، والتي أضاءت أرجاء الأرض منذ قرونٍ ولعدة قرون. ورُقيٍّ حضاري ليكون الصورة الملائمة لحُلم الإنسان العُماني العربي المسلم على امتداد تاريخه الطويل. وأمةٍ راسخةٍ ثابتة، ومُؤَسَّسةٍ على قواعد تراث الدين الحضاري. فالمحافظة على التراث والاهتمام به وبعثه وتنقيته من الشوائب والأهواء والخرافات والأباطيل مَهَمَّةٌ حضارية، وضرورةٌ عصرية، وتحتاج هذه العملية إلى عقليةٍ راعية وموضوعيةٍ صادقة، ومنهجيةٍ علمية صحيحة وهادفة؛ لأن عملية توظيف التراث هي عملية انتقاء واختيار ما هو مفيد وعصرنا الحاضر، وما يدفعنا إلى الرُّقِي والتطور الحضاري الذي تتسابق إليه الأمم في هذا العصر بمناهج شتى ودروبٍ مختلفة. وإذا كان التراث قيمةً حضارية يدل على عراقة الماضي وأصالة الحاضر فإنه لا يعني أن طاقة الإنسان قد عُطِّلَت، أو أنها يجب أن تقف على تراث السَّلَف فقط، وتكتفي بالتقليد الأعمى والمحاكاة الصماء والجمود العقلي؛ فالإنسان لم ينتهِ وجوده وفكره وعقله إلى ما انتهى إليه سَلَفُه في العصور الماضية، بل من الممكن جدًّا تفجير هذه الطاقات الفعلية في الإنسان وبناء حضارة تُحرره من القيود والجمود، وتُطلِقُ قدراته الكاملة والمبدعة ليحقق لنفسه ما لم يخطر على بال القدماء, وما يمكن أن يقدمه كتراث حضاري للأجيال القادمة.(9) ونظرًا لهذه القيمة الحضارية والثقافية ودور التراث كمُقَوِّمٍ للثقافة الإسلامية فقد توجهت الإرادة السامية للسلطان الراحل قابوس -طيَّب الله ثراه- أن يُخَصِّصَ عام 1994م عامًا خاصًّا للتراث، تتوجه فيه مؤسسات القِطاعيْن العام والخاص والجهود الفردية لخدمة هذا التراث العريق، الذي تزخر به البلاد في مختلف أوجه الحياة المادية والفكرية، مما أسهم في تشخيص الهُوِيَّة الثقافية، للمجتمع العُماني، وتظهر فيه ملامح التراث الحضاري بكل فخرٍ واعتزاز. قال -رحمه الله- في خطابه السامي عن التراث: «إذا كان لنا أن نزهو ونفخر بالإرث العظيم الذي تلقيناه عن الأسلاف فإن ذلك يجب ألَّا يكون الغاية التي نقف عندها، مُكْتَفِين باجترار الماضي نُبَاهي بأمجاده، ونعيش على ذكرى مفاخره، فذلك خُلُقُ الخامل الذي لا عَزْمَ له، وحاشا أن يكون العُماني كذلك، فلقد أثبت دومًا أنه ذِهْنٌ مُتَوقِّدٌ، وفِكْرٌ متجدد، وروحٌ وثّابة تطمح إلى ارتياد الآفاق، لا تنثني عن مَطَالبها إلَّا غالبة ظافرة، مِلْءُ إهابِها النصر المُبين، ومن هنا كان لزامًا أن نبني كما بَنَوْا، وأفضل مما بَنَوْا، مُستلهمين من عطائهم الإنساني العظيم دافعًا إلى البناء والتعمير، وحافزا إلى مزيدٍ من الرُّقِي والتطوير في تلاؤمٍ مع العصر ومتطلباته ، وتواكبٍ مع التقدم العلمي الخارق ومقتضياته، وإلَّا كان المصير لا ريب تَخلُّفًا شائنًا عن الرَّكْبِ المتقدم لا يرضاه لنفسه إلَّا خائر فَقَدَ قواه، أو خائف متهيب ترتعش خطاه، أو متبلد تَحَجَّرَ عقله فزهد في الحياة».(10) وعلى ذلكم النَّهج الأصيل يعمل اليوم جلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه-، مؤكدًا على ضرورة تحصين الذات العُمانية بما يحميها من الذوبان والتماهي في الآخر؛ عن طريق ومن خلال الاعتزاز بالتراث والقِيَم العُمانية الأصيلة، واستلهام الدروس والعِبَر من التاريخ، والإفادة منه في بناء الحاضر، والعبور بأدواته إلى المستقبل. …………………………………………………………………….
  1. موقع : ( التاريخ ) بالشبكة ، حسب العنوان الآتي : altareekh.com
  2. من كتاب الأمة. نقلا عن موقع: ( الشبكة الإسلامية) بالشبكة : islamweb.com
  3. من كتاب الأمة. نقلا عن موقع: ( الشبكة الإسلامية) بالشبكة : islamweb.com
  4. د. سالم أحمد محل: المنظور الحضاري في التدوين التاريخي عند العرب، سلسلة كتاب الأمة، قطر، العدد 60. نقلا عن موقع: (الشبكة الإسلامية) بالشبكة: islamweb.com
  5. المصدر نفسه.
  6. المصدر نفسه.
  7. المصدر نفسه.
  8. سنن ابن ماجة: ج2 ص1002، حديث رقم 3011، دار الفكر ـ بيروت.
  9. د. مبارك الهاشمي: مفهوم التراث وتوظيفه، الندوة العلمية للتراث العُماني، كلية الآداب جامعة السلطان قابوس 1994م.
  10. من الخطاب السامي لجلالة السلطان قابوس -طيَّب الله ثراه- تعالى بمناسبة عام التراث العُماني عام 1994م.