

كان للحوار وما يزال دوره المهم والمحوري في الإنتاج الفكري، والإثراء العلمي والمعرفي، وفي تنشيط ذهن المتلقي، وتحفيزه، وصقل شخصيته ومواهبه، وتنمية قدراته وإمكانياته؛ بتبادل الآراء والخبرات، وتجاذب الأفكار والنَّظَرَات، حول قضيةٍ ما، ثم بتوليد المعاني، وإثارة الوعي؛ والوصول -بالتالي- إلى الحقائق، بأسلوب يسْتَنْفِر جهْد المسؤول، ويَقْتَدِحُ زناد فكره، ويُظْهِرُ القدرات الحِجاجيَّة الكامنة لديه، التي نجدها مع بعض المحاوَرين، وقد يحْترفها بمرور الزمن، وتعاقب الأدوار والمسؤوليات آخرون. إننا وبتتبُّع كثير من الحوارات التي نُشِرت عبر الصحف والمجلات -خلال مسيرة حافلة من العطاء- سنجد -لا ريب- مضمونًا غنيًا، ومادةً ثرية، ومحتوًى ماتعًا، جديرًا حقًا بالاهتمام، يُمَثِّلُ -بحقٍّ- خلاصة الفكر، ورشْح الخبرة والمعرفة والتجربة، وهو -قبل ذلك وبعده- مكْنَزٌ يُعين الباحثين كثيرًا، ويختصر لهم الزمن، ويصِلُ بهم إلى المُرَاد من الاستماع لأيِّ حوارٍ هادف، أو قراءة واعية ومتأملة؛ الأمر الذي يُلَبِّي لديهم الكثير من الحاجات المعرفية، ويستجيب للمواقف والعادات القرائية، فضلًا عمَّا يجدونه في ذلك من متعةٍ وتفاعل، ولذَّةٍ وتواصل.
ونحن وإن كنا قد وسَّعنا الدائرة قليلًا؛ بالحديث عن الحوار عامة، إلَّا أن الحوار الصحفي ينضوي -أيضًا- تحت ذلك، وفي الفيْض المنشور من تلك الحوارات الصحفية أقدار كبيرة جدًا من الغِنى والفائدة والإمتاع، والأخذ بتلك الضوابط، والعمل عليها.
في هذا السياق يَسُرُّ مجلة “الثقافية” – وهي تعقد ملفها الجديد حول: الآثار العُمانية.. والمشاهدات القديمة – أن تضيف الباحث الكبير، والمختص العراقي في الآثار لدى جامعة نزوى، الدكتور وائل حنّون؛ للحديث حول واقع البحث الأثري في سلطنة عُمان، والأدوار المبذولة، وآفاق المساهمة المتوخاة، كما سنقدم إلى جانب ذلك حزمة من الدراسات والمقالات الهادفة، التي تخدم ملف العدد، إلى جانب ما دأبنا عادةً على نشره ضمن أبواب المجلة المختلفة.. في التاريخ والتراث، وفي الأدب واللغة، وفي العلوم والتكنلوجيا، وفي البحث العلمي والنشر. آملين بصدق أن يكون العدد المقدم على النحو المأمول، وأنُ يُحقِّق الفائدة المرجوّة منه، والله من وراء القصد، وهو الهادي إلى سواء السبيل.